بسم الله الرحمن الرحيم
خلقنا الله سبحانه وتعالى وكلفنا بعبادته وضرب لناموعدا نلقاه فيه ليحاسبنا على أعمالنا، وهل راعينا أمانة التكليف أم لا؟وهل عملنا بأوامره واجتنبنا نواهيه أم لا؟ قال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَالْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْفَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}، وقال:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}وقال:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}.
وإذا كانت الحياة الدنيا مرتبطة بما بعدها، يعيش فيها الإنسان زمنا مقدراثم يتركها للقاء ربه، فلا بد للإنسان إذن من دوام تذكر هذه النهايةالحتمية التي تتمثل في الموت.
فالموت هو نهاية حياة الإنسان، وببلوغه تلك النهاية يكون قد ابتدأ مرحلةجديدة هي مرحلة الحساب، والثواب والعقاب، ونتيجتها إما الفوز وإما الهلاك.
والإنسان بطبعه كثير النسيان، فهو ينشغل عن المصير الحتمي الذي هو الموتوما يعقبه بالحياة الدنيا الفانية التي لا يدري كم يدوم فيها ويبقى. لأجلذلك، وضع له الشارع قاعدة ذهبية تديم صلته بمستقبله الذي ينتظره، وتبقيهمربوطا بالغد الذي لا يعلم كنهه. وهذه القاعدة هي دوام تذكر هادم اللذاتأي الموت. أخرج الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات (يعني الموت)". والهاذم بالذال المعجمة هوالقاطع. فيكون المعنى أكثروا من ذكر قاطع اللذات.
قال المناوي في فيض القدير: "لأن من ذكر أن عظامه تصير بالية وأعضاءهمتمزقة هان عليه ما فاته من اللذات العاجلة وأهمه ما يلزمه من طلب الآجلةوعمل على إجلال الله وتعظيمه".
فالإنسان إذا أكثر من ذكر الموت تذكر الآخرة وما ينتظره فيها من حسابعسير، فيكون هذا دافعا له ليعيد النظر فيما قدّم من أعمال، فيتداركالأخطاء ويتوب توبة نصوحة قبل أن يباغته الموت فلا تنفع التوبة ساعتها.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلمبمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". وكان ابن عمر يقول:إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتكلمرضك ومن حياتك لموتك. أخرجه البخاري.